
النجف / عراق اوبزيرفر
في أجواءٍ مفعمةٍ بالحزن والولاء، أحيت المواكبُ الحسينية ليلة الخميس – الجمعة، شعيرة “المشاعل” عند أطراف الصحن الحيدري في محافظة النجف، وذلك إحياءً لليلة الثامنة من شهر محرم.
وشهد الصحن الحيدري، انطلاق مواكب المشاعل وهي تحمل النيران المشتعلة، وسط هتافات الولاء والحداء الحسيني، تعبيراً عن الحزن العميق لفاجعة كربلاء.
وقال أحد خدمة المواكب المشاركين في الشعيرة لمراسل عراق اوبزيرفر: “إن شعيرة المشاعل تمثل رمزية عالية في الذاكرة الحسينية، إذ تُجسد مشاهد إحراق الخيام بعد استشهاد الإمام الحسين، وتعيد إلى الأذهان مشهد السبي والدمار الذي حل بعائلة النبوة في يوم الطف”.
ويؤدي المشاركون في هذه الشعيرة طقوسًا محددة، تبدأ بانطلاق المواكب من نقاط تجمع رئيسية في النجف القديمة، ثم تتوجه نحو ضريح الإمام علي، حيث تُرفع المشاعل المشتعلة وتُطلق القصائد والمواويل الحزينة، وتُقرع الطبول التي تُضفي طابعًا جنائزيًا عميقًا.
وتُعد شعيرة المشاعل من أبرز الرموز البصرية في الطقوس العاشورائية، خصوصًا في النجف وكربلاء، حيث تُحاكي النيران المشتعلة تلك التي أضرمت في خيام آل البيت بعد مقتل الإمام الحسين وأصحابه. وتشكل هذه الشعيرة صدمة وجدانية يتفاعل معها الجمهور بقوة، إذ يستحضر المشاهد لحظة الفاجعة بكل تفاصيلها المأساوية.
ويقول الباحث في التراث الشيعي، الدكتور علي المياحي لـ عراق اوبزيرفر: “المشاعل ليست مجرد نار تُحمل، بل هي شعلة الوعي التي حملها زين العابدين وزينب الكبرى، وهي نار الثورة على الظلم التي لم تنطفئ منذ عام 61 للهجرة حتى اليوم”.
وغالبًا ما يُرافق هذه الشعيرة أهازيج خاصة تُعرف بـ”الردّات” الحسينية، التي تذكر مصيبة السبي، والخراب الذي أعقب استشهاد الحسين، وتؤدي إلى حالة وجدانية جماعية عميقة.
وقد شهدت الشعيرة حضورًا جماهيريًا واسعًا، من الزوار والوافدين من المحافظات، الذين اصطفوا على جانبي الطرق المؤدية إلى العتبة العلوية لمشاهدة مرور مواكب المشاعل، والتفاعل مع المشاهد التي تُحاكي وجع الطف.
وتواصل المواكب والهيئات العزائية إحياء الليالي المتبقية من محرم، وسط تزايد في أعداد الزوار، واستعدادات خاصة لإحياء ليلة العاشر، التي تمثل ذروة الحزن والمصاب في الوجدان الشيعي.