عراق أوبزيرفر/ بغداد
حرب اشتعلت بين مجلس القضاء الأعلى، ممثلاً بقاضي هيئة النزاهة، ضياء جعفر، ورئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون، حيث تطورت ككرة الثلج، من تصريحات وتلميحات في بادئ الامر، لكنها تطورات أخيراً إلى تسجيلات مسربة وتبادل اتهامات بالفساد، ما يفتح الباب أمام تساؤلات عن كيفية انتهاء هذه الحرب في أرفع هيئة مختصة بمكافحة الفساد.
كيف بدأت القصة؟
بدأت الحكاية عندما ظهر القاضي حيدر حنون في مؤتمر من أربيل، بشأن مكافحة الفساد، لكنه تحول إلى ساعة انفعال وصراخ، حيث تحدث عن صدور مذكرة قبض بحقه على خلفية التحقيق في سرقة القرن، وسرد تفاصيل عن شبهات فساد “تورط بها متنفذون”.
وقال حنون أن المتهم الرئيسي بسرقة «الأمانات الضريبية»، نور زهير، زوّر 114 صكاً مالياً، وعليه أن يعاقب بـ114 حكماً، وكشف عن أنه “سرق 720 دونماً في شط العرب”.
وأثار ظهور حنون غضب الأوساط الاجتماعية وسادت حالة من الجدل، والتساؤلات والشكوك بشأن ما يحصل داخل هيئة النزاهة وفيما إذا تورط رئيسها بصفقات فساد.
في الجزء الثاني من القضية، سُربت تسجيلات لحنّون وهو يتحدث عن “سائق سيارة كان عليه أن ينقل أكثر من مليار ونصف المليار (دون الإفصاح عن العملة) وتابع: “أخبرتكم أن الأعين مفتوحة علينا”.
وسريعاً، أعلن القضاء فتح تحقيق في التسجيلات المنسوبة لحنون، والتي ورد فيها عبارات عن تلقي رشىً وتلاعب بعائدية أراض.
وذكر المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، في بيان، أن “رئيس الادعاء العام طلب من محكمة تحقيق الكرخ الثالثة إجراء التحقيق بخصوص التسجيلات الصوتية المنسوبة إلى رئيس هيئة النزاهة بالوكالة حيدر حنون”.
أول رد من النزاهة
وسريعاً نفت هيئة النزاهة تورط رئيسها القاضي حنون بأي صفقات فساد، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، عندما قالت إن التسجيلات مفبركة، وهي “كذب وافتراء” برغم عدم انتهاء التحقيقات الجارية بشأن تلك التسريبات الصوتية.
وكان حنون قد كشف في وقت سابق عن أن “القضاة والوزراء تسلموا قطع أراضٍ بمساحات 600 متر مربع من الحكومة السابقة لضمان الولاء”، وقال: “قبلناها جميعاً”.
ورغم أن تصريحات حنون هزت الأوساط السياسية في البلاد، لكنها فاقمت التعقيد في قضية «سرقة القرن»، كما يقول مراقبون، بسبب تشابك المعلومات والتصريحات حول القضية وأطرافها، لا سيما بعد تغيب المتهم زهير عن محاكمته الشهر الماضي، وصدور أمر قبض بحقه.
وقد تؤدي حرب التسريبات بين القضاء وهيئة النزاهة إلى تداعيات عميقة ومعقدة، فهذه الأزمة التي بدأت بصراع شخصي بين القاضي ضياء جعفر وقاضي هيئة النزاهة حيدر حنون، قد تؤثر بشكل كبير على مسار التحقيقات حول الفساد وأداء المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد، مثل هيئة النزاهة.
ما التداعيات؟
وتتمثل تداعيات هذه الحرب بتتجاوز الأفراد المعنيين، حيث بدأت تؤثر بشكل ملحوظ على مصداقية المؤسسات الرسمية، كما أنها ستضعف الثقة بالمؤسسات التي من المفترض أن تكون في صدارة مكافحة الفساد، لكنها بدأت تتعرض للاهتزاز.
وأدى تبادل الاتهامات بين القضاء وهيئة النزاهة إلى تساؤلات مشروعة حول شفافية النظام القضائي بأكمله، في ظل الشكوك التي أثيرت حول صفقات الفساد وتورط شخصيات بارزة، وهو ما سيعزز الشعور بالإحباط وعدم الثقة في مؤسسات الدولة، ويخلق جوا سلبياً لدى المواطن.
ومن الصعب تحديد كيفية انتهاء هذه الحرب بدقة، فعلى الرغم من الجهود المبذولة للتحقيق في التسريبات وكشف الحقائق، فإن التطورات تعتمد على نتائج التحقيقات، ومدى قدرة المؤسسات المعنية على معالجة هذه الأزمة، وهو ما سيدفعها ربما إلى التضحية بأحد الطرفين، ومن المحتمل أن تستمر هذه الصراعات حتى ظهور أدلة جديدة أو حتى التوصل إلى تسوية في الخفاء.
وحتى استعادة ثقة المواطنين، بجهود مكافحة الفساد، فإنه يتعين على الجهات المعنية اتخاذ إجراء قوية وإصلاحات حقيقية تركز على تعزيز النزاهة ومحاربة الفساد بفعالية، في بلد يحتل مراتب متقدمة في الفساد المالي والإداري.