
عراق أوبزيرفر/ بغداد
يثير التوجه نحو كتابة “المدونة الفقهية” ضمن قانون الأحوال الشخصية في العراق مخاوف عدد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان، وسط تساؤلات عن مدى تأثيرها على الضمانات القانونية للمرأة والأسرة.
ويأتي هذا القلق في ظل غياب تفاصيل واضحة حول مضامين المدونة، ما يفتح الباب أمام احتمالات تغيير جوهري في آليات تنظيم الزواج والحقوق الأسرية.
بدورها أكدت النائبة السابقة والناشطة في حقوق الإنسان ريزان شيخ دلير أنه “لدينا قلق من كتابة المدونة الفقهية فيما يخص قانون الأحوال الشخصية كون أن الأمر مبهم ولا نعرف لغاية الآن ما ستتضمنه المدونة”.
وقال دلير في تصريح لـ”عراق أوبزيرفر”، إنه “بعد كتابة المدونة الفقهية ستصبح عقود الزواج خارج المحاكم هي الأساسية “مشيرة إلى أن “قانون الاحوال الشخصية الحالي في العراق مأخوذ من المذاهب الفقهية الدينية بما يتوافق مع طبيعة المجتمع ولا توجد مشكلة في ذلك، فلماذا ذهبت الأحزاب لقانون يعتمد على مدونة يكتبها رجال الدين”.
وأضافت أن “العراق لديه مشرعين على مستوى عالي ،ولديه مجلس نواب مختص بتشريع القوانين لذلك لا يجب الرجوع إلى المذاهب في كتابة قانون الأحوال الشخصية الى فقهاء المذاهب”.
وشددت شيخ دلير على أهمية دور المحاكم في تنظيم قضايا الأحوال الشخصية وليس مختصة فقط في تصديق عقود الزواج” مؤكدة أن “الزواج يجب أن يتم وفق القانون لضمان الحقوق المستقبلية، وليس عبر الأعراف العشائرية أو رجال الدين الذين لا يوفرون أي ضمان قانوني”.
وتابعت أنه “من خلال الجهود التي بذلناها خلال الفترة الماضية لتعديل هذا القانون تم تغيير بعض الفقرات التي تضمن حقوق المرأة ولكن لايزال الوضع مقلق من كتابة المدونة”.
كما انتقدت بعض التشريعات التي يقرها البرلمان مشيرة” إلى أن “بعض القوانين تمرر بصياغات “ركيكة” تجعل تطبيقها معقدًا، فيما يعاني القضاء من صعوبة تنفيذها بسبب غموضها وعدم قابليتها للتطبيق العملي، لا سيما في قضايا الزواج التي يجب أن تستند إلى معايير واضحة ومُلزمة”.
ورغم المصادقة على القانون ونشره في جريدة الوقائع العراقية، لا يزال العمل به متوقفًا لحين الانتهاء من إعداد “المدونة الفقهية”، التي ستتم صياغتها من قبل جهات حكومية ومرجعيات دينية متعددة، وسط مخاوف من تأثير المدونة على الضمانات القانونية للمرأة والطفل وتهديد مبدأ المساواة الذي يكفله الدستور.
وفي ظل هذا الجدل، يبقى مصير المدونة الفقهية محط ترقب، وسط تساؤلات حول مدى تأثيرها على النسيج القانوني والاجتماعي في العراق، وبينما تدافع الجهات الداعمة عن ضرورة تطبيقها بما يتماشى مع الخصوصية الدينية للمجتمع، تؤكد الأصوات المعارضة أن أي تعديل يجب أن يضمن حماية حقوق الأفراد دون تمييز، ويمنع تحويل القضاء إلى ساحة لصراعات مذهبية قد تهدد استقرار النظام القانوني في البلاد.