
بعداد/ عراق أوبزيرفر
مع دخول الموسم الانتخابي، تعود إلى الواجهة مجددًا ظاهرة الجيوش الإلكترونية، التي أصبحت أداة مركزية في الحملات السياسية، ليس فقط للترويج للمرشحين وإنما أيضًا لتشويه صورة الخصوم وتوجيه الرأي العام عبر الفضاء الرقمي.
وهذه المجموعات، التي تعمل بشكل منظم وتستخدم تقنيات متطورة، باتت تمثل تحديًا جديدًا للديمقراطية في العراق، وتطرح تساؤلات واسعة حول نزاهة المنافسة الانتخابية.
وتعتمد هذه الجيوش على مئات الحسابات الوهمية التي تُدار إما من داخل البلاد أو من الخارج، ويتم استخدامها لخلق موجات من التفاعل المصطنع على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي أغلب الأحيان، يتم تمويل هذه الحسابات من قبل جهات سياسية تسعى لتعزيز نفوذها أو لضرب خصومها بطريقة لا يمكن تتبعها بسهولة، ما يجعل منها سلاحًا غير مرئي لكنه فعّال في تغيير المزاج الشعبي وتوجيه النقاش العام.
ويلجأ العاملون ضمن هذه المنصات إلى تقنيات متعددة، منها استخدام تطبيقات نشر تلقائي، وإنشاء حسابات بهويات وهمية، وأحيانًا حتى انتحال شخصيات إعلامية أو مجتمعية معروفة، كما يتم توجيه هذه الحسابات للعمل ضمن استراتيجية محددة تتنوع بين الترويج الإيجابي لمرشح معين، أو شن حملات تشويه ضد مرشحين مستقلين أو معارضين.
ويؤكد متابعون للشأن الانتخابي أن هذه الحملات ليست عشوائية، بل يتم التخطيط لها مسبقًا وغالبًا ما تبدأ قبل أشهر من موعد الاقتراع.
ويتم استخدام هذه الأساليب لتشويه صورة خصوم سياسيين، أو لإثارة قضايا جانبية تصرف الأنظار عن مشاكل جوهرية يعاني منها الشارع العراقي، خاصة وأن خلال الدورات الانتخابية السابقة رُصدت فيها موجات واسعة من التفاعل المفتعل الذي استُخدم فيه “الترند” كسلاح لتوجيه المزاج العام في لحظات حرجة.
أدوار سلبية
في هذا السياق، قال الخبير في الشأن العراقي حمزة مصطفى إن “الجيوش الإلكترونية لم تعد تقتصر على جهة دون أخرى، بل بات الجميع يستخدم هذا الفضاء الرقمي عبر ما يسمى بالجيوش الإلكترونية، التي تسعى في نهاية المطاف إلى خدمة طرف على حساب طرف آخر، وهي جميعها مدفوعة الثمن ولا تعبر عن أي بعد وطني أو مجتمعي، بل على العكس، تقوم بدور سلبي لأن التنافس الانتخابي مشروع”.
وأضاف مصطفى لـ”عراق أوبزيرفر” أن “هذه الجيوش لا تعمل في العلن، بل تتحرك في الخفاء ومهمتها الأساسية هي التسقيط، والتسقيط سيقابله تسقيط مماثل، إذ إن كل طرف سيحارب الآخر بالأدوات ذاتها، والتي غالبًا ما تكون أدوات غير حقيقية تعتمد على فبركة الأخبار وخلط الصدق بالكذب، وكل ذلك يضر بالمجتمع”.
وأشار إلى أن “مثل هذه الحملات تحرّف الرأي العام عن الاتجاه الصحيح، فالناخب العراقي قد يمتلك مؤشرات أولية على بعض المرشحين، لكن عندما يتعرض لحملات تسقيط، معظمها غير صحيحة وتتضمن إساءات أخلاقية ومجتمعية، فإنه يُربك ولا يعرف من يختار، مما يدفع البعض للعزوف عن المشاركة، وهو ما يصب في مصلحة القوى التي عليها مؤشرات سلبية”.
ويرى مختصون أن الجيوش الإلكترونية ستبقى واحدة من أبرز أدوات الصراع الانتخابي في العراق، وهو ما يتطلب موقفا واضحا من الجهات التشريعية والتنفيذية للحد من تأثيرها، وتوفير بيئة انتخابية نزيهة تقوم على التنافس العادل وليس التضليل الرقمي.