امنتحليلاتخاص

قضية المهندس بشير.. مطالبات عبر عراق أوبزيرفر لتعديل قوانين التحقيق داخل المراكز

بغداد/ عراق أوبزيرفر

أعادت قضية وفاة المهندس بشير خالد في مركز شرطة حطين ببغداد، فتح ملف التحقيقات الجنائية في العراق، وسلطت الضوء على واحدة من أكثر الحلقات خطورة في منظومة العدالة، وهي مرحلة التحقيق الابتدائي التي ما زالت تحت سيطرة الجهات الأمنية، في انتهاك لمبدأ الفصل بين السلطات، ولقواعد المحاكمات العادلة المنصوص عليها في القوانين العراقية والدولية.
الحادثة التي هزّت الرأي العام أثارت موجة واسعة من المطالبات البرلمانية والشعبية بإعادة النظر في قانون أصول المحاكمات الجزائية، وتحديدًا المواد التي تمنح ضباط الشرطة صلاحية مباشرة التحقيق مع المتهمين، في ظل تزايد التقارير عن التعذيب وسوء المعاملة، وانعدام الرقابة القضائية على ما يدور خلف أبواب مراكز التوقيف.
وتُشير الوقائع الميدانية إلى أن عددًا غير قليل من الموقوفين يتعرضون لانتهاكات خلال مرحلة التحقيق، أبرزها الضرب والإهانة الجسدية والنفسية، وإجبارهم على توقيع إفادات جاهزة، وهي ممارسات تتكرر بنسب مقلقة، وقد تسببت في السنوات الأخيرة بوفاة العديد من الموقوفين داخل السجون ومراكز الشرطة.

أرقام مرعبة
وبحسب تقارير غير رسمية، فإن نحو 70% من الشكاوى المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان في العراق تعود إلى مرحلة الاحتجاز الأولى داخل المراكز الأمنية، كما تُظهر أرقام المفوضية العليا لحقوق الإنسان أن أكثر من نصف المحتجزين أفادوا بتعرضهم إلى أشكال متعددة من سوء المعاملة، ما بين الضرب المبرح والحرمان من العلاج أو التواصل مع ذويهم ومحاميهم.
وتحرك البرلمان العراقي نحو تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية بهدف إعادة ضبط العلاقة بين سلطة التحقيق والسلطة القضائية، من خلال نقل مسؤولية التحقيق إلى محققين قضائيين مستقلين، يتبعون مجلس القضاء الأعلى، وهو ما من شأنه أن يُحد من الانتهاكات، ويعزز ثقة المواطن بجهاز العدالة.
تُعد المادة 123 من القانون الحالي واحدة من أكثر المواد إثارة للجدل، إذ تمنح صلاحيات واسعة للمحققين الأمنيين دون وضع آليات رقابة فعالة، كما تُقيّد حقوق المتهم في الصمت وعدم الإدلاء بشهادته تحت الضغط، وهو ما يتعارض مع المادة 19 من الدستور العراقي التي تنص على أن “المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة عادلة، ولا يُجبر على الاعتراف”.

تعديل القانون
وأمام هذا الواقع، يجري حاليًا تداول مقترح في مجلس النواب يتضمن حزمة تعديلات جوهرية على القانون، تشمل فصل التحقيق الابتدائي عن الأجهزة الأمنية، وإنشاء مكاتب تحقيق قضائي في كل محافظة، وتعيين محققين مدنيين مؤهلين، إلى جانب توفير الضمانات القانونية للمتهمين، وفي مقدمتها الحق في التزام الصمت، وحق الحصول على محامٍ منذ اللحظة الأولى للاعتقال.

كما يدعو المقترح إلى اعتماد وسائل توثيق إلكترونية لعمليات التحقيق، وربط مراكز التوقيف بكاميرات مراقبة تعمل على مدار الساعة، مع منح المفتشين القضائيين صلاحيات دخول غير معلن إلى السجون، ومحاسبة الضباط المتورطين في أي انتهاك، وإحالتهم إلى المحاكم الجنائية وليس إلى لجان انضباط داخلية غالبًا ما تنتهي بقرارات إدارية شكلية.
بدوره، أكد عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب عارف الحمامي، أن “قرار نقل التحقيقات الابتدائية من مراكز الشرطة إلى محققي السلطة القضائية يمثل خطوة إصلاحية تصب في مصلحة تطوير المنظومة العدلية في البلاد”، مشددًا على أن “هذا الإجراء قانوني بالكامل ولا يتعارض بأي شكل مع القوانين النافذة حاليًا”.


وقال الحمامي لـ”عراق أوبزيرفر”، إن “نجاح هذه الخطوة يعتمد بشكل أساسي على وجود تنسيق فعّال وتعاون مشترك بين السلطة القضائية ووزارة الداخلية، بهدف ضمان تنفيذها بسلاسة ومن دون إرباك أو تجاوزات، مما يعزز من كفاءة التحقيقات ويحفظ حقوق المواطنين”.
وأضاف، أن “البرلمان يدعم أي مسار من شأنه تقوية المنظومة القضائية ورفع مستوى النزاهة في الإجراءات القانونية” لافتًا إلى أن “مجلس النواب لا يعترض على هذه الخطوة، ولا توجد أي عقبات تشريعية تعرقل تطبيقها على أرض الواقع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
document.addEventListener("DOMContentLoaded", function() { if (document.querySelector("nojq")) { document.querySelector("nojq").addEventListener("click", function() { console.log("Element clicked!"); }); } });