
بغداد/ عراق أوبزيرفر
من الجدل والتراشق السياسي أثارها قرار الحكومة العراقية بسحب قانون تقاعد الحشد الشعبي، وسط اتهامات متبادلة بين القوى السياسية حول الدوافع الحقيقية وراء الخطوة، ومدى ارتباطها بالصراعات الداخلية والتوازنات الإقليمية، في وقت يترقب فيه الشارع العراقي تداعيات القرار على مستقبل الحشد الشعبي ومكتسباته القانونية.
وذكرت وثيقة حكومية أنه “نظراً لإقرار مشروع قانون هيئة الحشد الشعبي من مجلس الوزراء مؤخراً، وما تضمنه القانون من تنظيم عمل الهيئة وتحديد وظائفها ومهماتها واختصاصاتها والتشكيلات المرتبطة بها، إلى جانب وضع الخطط الاستراتيجية لتحقيق أهدافها وتنفيذ العمليات العسكرية المنوطة بها، فقد تقرر صرف النظر عن كتابنا آنفاً وإعادة المشروع إلى مجلس الوزراء لإعادة النظر فيه، واحتساب الكلف المالية الناجمة عن اعتماده، بعد إقرار مشروع القانون وما يتضمنه من هيكلية جديدة”.
ويثير هذا التطور تساؤلات حول ما إذا كان قرار سحب قانون تقاعد الحشد الشعبي يأتي في سياق مناورة سياسية تهدف إلى تجنب الضغوط الأميركية، أم أنه يعكس خلافات داخلية بشأن مستقبل الحشد الشعبي وموقعه ضمن المنظومة الأمنية في العراق.
محور خلاف
ويعد قانون الحشد الشعبي محوراً للخلاف داخل الأوساط السياسية العراقية، حيث يعتبره قادة الإطار التنسيقي مؤسسة أمنية ذات طابع عقائدي لا ينبغي أن تخضع لقوانين التقاعد المعمول بها في الأجهزة العسكرية التقليدية، بينما ترى جهات سياسية أخرى أن استمرار وضعه الحالي يمثل تحدياً لسيادة الدولة، خاصة في ظل وجود فصائل تعمل خارج نطاق سلطة الحكومة المركزية.
بدوره، قال الباحث في الشأن الأمني عبدالغني غضبان إن “قانون الحشد الشعبي أصبح مثيراً للجدل نتيجة الخلافات السياسية، خاصة بين أطراف الإطار التنسيقي، حيث يسعى فريق إلى الحصول على منصب رئيس الحشد، بينما يحاول آخرون الإبقاء على الرئيس الحالي، وذلك لأغراض انتخابية سواء في الدعاية أو التصويت”.
وأضاف غضبان لـ”عراق أوبزيرفر” أن “الحشد الشعبي تأسس بناءً على فتوى المرجعية الدينية العليا، التي دعت جميع شرائح المجتمع العراقي دون استثناء، ولم تحدد المذهب أو القومية، إذ شملت الفتوى الشيعة والسنة والأكراد والصابئة والمسيحيين، كما لم تضع قيوداً على العمر أو المستوى التعليمي، بل كانت دعوة عامة لمواجهة خطر تنظيم داعش”.
وأشار إلى أن “الحشد، بعد تحقيق النصر، تحوّل إلى مؤسسة رسمية بتشريع من البرلمان، غير أن العديد من قياداته الحالية لم يكونوا ضمن المقاتلين الأوائل، بل انضموا بعد أن أصبحت المنظومة جاهزة، كما أن عدد المنتسبين تضخم من 50 ألفاً إلى أكثر من 250 ألفاً، وشمل الحشد فصائل في المناطق الغربية، ما يؤكد طابعه الوطني، لكنه بات ضحية الصراعات السياسية، حيث يحاول البعض استخدامه انتخابياً، بينما يسعى آخرون إلى ربطه بإيران، وهو ما أدى إلى سحب القانون بسبب الخلافات، ولن يتم تمريره إلا ضمن سلة قوانين متفق عليها”.
ويشمل القانون إحالة قرابة 4 آلاف عنصر، بينهم قيادات بارزة في الصف الأول، إلى التقاعد بعد بلوغهم السن القانونية، فضلاً عن وضع هيكل إداري للحشد الشعبي.