بغداد/ عراق أوبزيرفر
يواجه العراق أزمة نقص في السيولة بالدينار المحلي، بالتزامن مع استمرار انخفاض أسعار صرف الدولار في الأسواق المحلية، ما يزيد من مخاوف المواطنين والموظفين بشأن قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها المالية، وفي مقدمتها تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين في مواعيدها المحددة.
ولجأت الحكومة إلى سحب سيولة نقدية من الأمانات الضريبية، التي ارتبطت سابقًا بملف ما يُعرف بـ”سرقة القرن”، في محاولة لتغطية العجز الحاصل في السيولة وضمان الاستمرار في تمويل الالتزامات الأساسية، وعلى رأسها الرواتب.
ويرى مختصون أن الأزمة لا تتعلق بوفرة العملة الصعبة، إذ تمتلك الحكومة احتياطيًا جيدًا من الدولار بفضل الصادرات النفطية، بل تكمن في شح السيولة بالدينار العراقي، الأمر الذي يدفعها إلى تنفيذ مناورات مالية سريعة، مثل استخدام الأمانات الضريبية، لتأمين رواتب الموظفين وتفادي أي تأخير في صرفها.
سحب الدينار “ضعيف”
بدوره أكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، أن “العراق يصدّر أكثر من 3 ملايين و100 ألف برميل نفط يوميًا، وقد بلغت الإيرادات النفطية للشهر الماضي نحو 7 مليارات و700 مليون دولار، وهو مبلغ يكفي لتغطية الرواتب وجزء من النفقات التشغيلية والاستثمارية”.
وأوضح لـ”عراق أوبزيرفر”، أن “الحكومة تحتاج شهريًا إلى ما يقارب 7 تريليونات و850 مليار دينار عراقي لتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين ومخصصات الحماية الاجتماعية، مضيفًا أن إيرادات النفط، عند تحويلها، يُفترض أن تغطي هذا المبلغ وتزيد عليه، لكن المشكلة تكمن في ضعف سحب الدينار العراقي من السوق”.
وأكد أن “نحو 90% من العملة المصدرة لا تعود إلى الجهاز المصرفي بالسرعة المطلوبة، ما يصعّب على البنك المركزي تغذية الحكومة بالسيولة النقدية في الوقت المناسب، رغم امتلاك الأخيرة تخويلًا من البرلمان للاقتراض من البنك المركزي ضمن قانون الموازنة لعام 2024، وهو ما تم أيضًا في موازنة 2023”.
وتابع أن “الحكومة لم تلجأ حتى الآن إلى الاقتراض المباشر من البنك المركزي خلال العام الحالي، باستثناء قيام الأخير بإعادة خصم سندات خزينة بيعت إلى مصارف حكومية وخاصة بقيمة نحو 3 تريليونات دينار”.
ولفت المشهداني أن “آلية توفير السيولة لا تزال تعاني من اختناقات، وهو ما دفع الحكومة إلى التوجه نحو استخدام الأمانات الضريبية لتعويض هذا النقص في الوقت الحالي”.
وكان مجلس الوزراء، قد قرر في 15 نيسان أبريل الماضي، تخويل وزيرة المالية صلاحية سحب مبلغ الأمانات الضريبية التي لم يمضِ عليها خمس سنوات، لتأمين تمويل رواتب موظفي الدولة لشهر نيسان والأشهر اللاحقة.
واجهت هذه الخطوة انتقادات قانونية، إذ أكد مختصون أن الأمانات الضريبية لا تُعد إيرادًا عامًا إلا بعد مرور خمس سنوات دون المطالبة بها، ما يجعل سحبها المبكر مخالفًا للقانون ما يعكس هشاشة الوضع المالي للدولة.
ويأمل موظفو الدولة، إلى جانب المستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية والمتقاعدين، في استلام رواتبهم قبل حلول عيد الأضحى، وسط حالة من الترقب بشأن قدرة الحكومة على توفير السيولة اللازمة في الوقت المناسب.